المنشور

يــضــحـــكــــوا عــــلــــيــــنـــــا‮!‬


آل إيه .. أوباما حيجيب الديب (الإسرائيلي طبعاً) من ديله ويحل لينا مشكلة الشرق الأوسط’! يا عيني يا عيني .. إيـه الهنا اللي إحنا فيه ده’. مشكلة الشرق الأوسط مرة واحدة؟! …

نعم هذه هي الرسالة التي حاول الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما وطاقمه الإداري تسويقها علينا، تارة من إسطنبول وتارة من القاهرة.. مفردات منتقاة بعناية يحاول بها ساكن البيت الأبيض الجديد التأثير في المزاج العربي العام المعادي لواشنطن الذي تسببت فيه إدارة بوش السابقة، وتعويم مصل تخدير جديد هو عبارة عن مجموعة تطمينات ووعود ملائمة لحواس الاستقبال الشرقية (العربية تخصيصاً).

لقد قيل إن ما بين 38 إلى 40 شخصاً شاركوا في إعداد وصياغة خطاب أوباما الذي ألقاه في جامعة القاهرة ووجهه إلى العالمين العربي والإسلامي، واختيار الجمل البلاغية المناسبة من أجل إحداث الإبهار والاستحسان لدى معشر المستمعين. وقد أثبت أوباما لأربابه الذين جاءوا به لتغيير صورة الولايات المتحدة في العالمين العربي والإسلامي، أنه رجل العلاقات العامة الملائم لأداء هذه المهمة. فضلاً عن النهوض بمهمة استعادة مصداقية النظام السياسي التي اهتزت في الداخل الأمريكي بسبب رعونة ودسائسية الإدارة البوشية السابقة. فلقد نجح الرجل بامتياز، حتى الآن على الأقل، في استعادة جزء من تلك المصداقية المفقودة.

فيما يتعلق بمنطقتنا العربية، وهو ما يهمنا بالدرجة الأساس، فقد وجدت عبارات أوباما المعسولة والمنمقة، بتطميناتها التخديرية، صدى لدى بعض النخب العربية التي يبدو أن مفعول رسائل أوباما المعنونة بعناية، قد أثر فيها، فراحت تحلل وتُؤَوِّل مقاصد ومرامي هذه الرسائل وتبشر بمآلات وحبور أيامها المقبلات. ولكأن هؤلاء لم يسمعوا قط أو لا علم لهم مطلقاً بسيل مخزون الوعود والتطمينات الأمريكية المتناسخة من بعضها البعض على امتداد الإدارات المتعاقبة على البيت الأبيض، أو لكأن تعيين جورج ميتشيل فور تسلم أوباما للسلطة، مبعوثاً أمريكياً خاصاً للشرق الأوسط، حدث فريد ومستجد في أدوات السياسة الخارجية الأمريكية، وليس مجرد رقماً جديداً يضاف إلى قائمة المبعوثين المتعاقبين على إدارة هذا الملف. بل إن جورج ميتشيل نفسه كان قد جُرِّب من قبل إبان إدارة بوش السابقة، وفشل في مهمته كما فشل من سبقوه في هذا المنصب.

لقد كان من الطبيعي، والحال هذه، أن يسارع هؤلاء الحالمون إلى توجيه رسائل الإطراء والمديح للرئيس أوباما على ‘لفتته البالغة الدلالة’ المتمثلة في إلغائه للاجتماع الذي كان مقرراً في باريس بين جورج ميتشيل ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو للتدليل على صدقية خطاب الرجل والتزامه بما يغدقه من وعود وتطمينات يوزعها حيثما حل رحاله في بقعة من بقاع العالم العربي والإسلامي، مع أنه تأكد لاحقاً أن إلغاء الاجتماع تم باتفاق الجانبين والاستعاضة عنه بلقاء بين ميتشيل وأيهود باراك وزير الحرب في حكومة نتانياهو، بما يعني أن ميتشيل ونتانياهو سيجتمعان لاحقاً. ثم إن هذا الذي سوف ‘يأتي بالديب من ديله’ (نتانياهو مجازاً)، هو نفسه الذي ثمَّن الخطاب العنصري الذي ألقاه نتانياهو في جامعة بار إيلام واعتبره خطوة إيجابية إلى الأمام، فقط لأن نتانياهو تفوه لأول مرة بالدولة الفلسطينية الموعودة وهماً، ولكن ليس قبل أن يضع أمام قيامها لاءاته الأربع التعجيزية: لا لعودة اللاجئين، ولا لترسيم الحدود والسيادة الفلسيطينية عليها، ولا لحق هذه الدولة (الموعودة وهماً) في تسلحها الدفاعي المحض، والتي غيَّبت الأفق الذي صنعته جهود رعاة التسوية (المخلة إخلالاً فادحاً بالحقوق الفلسطينية) وأربابها، ولا للقدس عاصمة للدولة الفلسطينية.

نتانياهو كان واضحاً إلى أبعد حدود الصفاقة النرجسية عندما عبر عن عزمه إكمال ما كان بدأه بنغوريون وبقية أفراد العصابة الصهيونية المنتظمين في الهاجاناه وأرجون، من جريمة تقتيل وتشريد شعب من أرضه ونهبه وإقامة دولة ‘لشعب بلا أرض’، وهاهم اليهود الذين جيء بهم من أصقاع الأرض النائية ليحطوا الرحال في الأرض المغتصبة. نتانياهو يريد تتويج ذلك الحلم بانتزاع اعتراف عربي ودولي بيهودية دولة إسرائيل الخالصة (هكذا على المكشوف!)، ويعبر عن إصراره وإصرار حكومته على مواصلة أعمال الاستيطان وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية، ومع ذلك فإنه لم يجد من يعترض عليه لا في أوروبا المهووسة بتشدقها اللفظي بحقوق الإنسان ولا في الولايات المتحدة في ظل رئيسها المفوه صاحب الوعود الملونة. بل إنه ووزير خارجيته العنصري (افيغدور ليبرمان) وجدا من يأخذهما بالأحضان في أوروبا وأمريكا.

الأكثر من ذلك أن مبعوث أوباما الخاص للشرق الأوسط (جورج ميتشيل ذاته) لم يتأخر عن الرقص على نغمات شنشات نتانياهو الخاصة باليهودية الخالصة لدولة إسرائيل، فما كاد الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز يستقبله في مكتبه حتى زعق بإفراط انفعالي مُشفق عليه بالقول: ‘إن الولايات المتحدة ملتزمة التزاماً مطلقاً بأمن إسرائيل ودعمها لها كدولة يهودية، وإنها ستظل حليفة إسرائيل المقربة بالرغم من الخلاف حول الاستيطان’ الذي وصفه بأنه ليس خلافاً بين خصمين بقدر ما هو بين صديقين يتقاسمان الأهداف ذاتها!

هل هنالك تملق وتزلف خانع أكثر من هذا؟! هل تعتقدون أن في وسع الرئيس باراك أوباما، على رغم احترامنا لنواياه الصادقة ربما، عصيان أمر أولياء نعمته الذين جاءوا به إلى سدة الحكم في البيت الأبيض؟ استناداً إلى تراتبية وتعقيدات صناعة القرار ‘وصناعة’ اتخاذ القرار في النظام السياسي الأمريكي المُهندَس على مقاس كواسر رأس المال ولوبياته، فإن الرجل ليس أكثر من ‘Chief Executive’ (رئيس تنفيذي) لا يستطيع أن يبت في القضايا الجوهرية من دون الرجوع ‘لمجلس الإدارة’ الذي لا يُشاهَد كثيراً في الصورة. يشاء هذا المجلس إطلاق جرعة تخديرية جديدة في صورة ‘مبادرة سلام’ جديدة لإلهاء العرب بها لفترة من الوقت، فيعهد إلى ‘الرئيس التنفيذي’ أمر طرح وتسويق هذه المبادرة. أو يشاء المجلس تعليقها أو سحبها اتساقاً مع مستجدات معطيات الواقع الشرق أوسطي، فيعم الفراغ السياسي لفترة محددة إثر تغييب مادته، فيُستعاض عن ذلك بتكثيف الحركة الدبلوماسية.

هم يضحكون علينا، ونحن للأسف الشديد نسايرهم في لعبتهم، برسم صمود مبادرتنا السلامية التي كنا تقدمنا بها في قمة بيروت منذ حوالي عشر سنوات، على رغم العواصف والأحداث الكبرى التي شهدتها ‘مناطق’ الصراع العربي الإسرائيلي. لم نسحبها، أو نعلقها، تكتيكياً على الأقل. والأهم أننا لم نرفدها بعناصر القوة التي يستحيل تحقيق ‘الاختراقات السياسية’ (أي تحقيق الأهداف والغايات والمكاسب والمصالح) في العلاقات الدولية بدونها.
 
الوطن 4 يوليو 2009

اقرأ المزيد

لا تنمية من دون ” الحكم الصالح “


في 29 يونيو/ حزيران 2009 أصدر «البنك الدولي» تقريره السنوي عن «مؤشرات الحكم الصالح» للعام 2009، محدداً قياساته لستة أبعاد للحكم الصالح في كل دول العالم، والمؤشرات الستة التي يتم قياس الحكم الصالح من خلالها هي: التمثيل السياسي والمحاسبة، والاستقرار السياسي وغياب العنف، وفاعلية الحكومة، والنوعية التنظيمية (جودة الإجراءات)، وسيادة حكم القانون، ومكافحة الفساد.

تقرير البنك الدولي أشار إلى أن البحرين تقدمت (عند مقارنة العام 2008 بالعام 2007) في مؤشرين، هما الاستقرار السياسي، وفاعلية الحكومة، ولكنها تراجعت في ثلاثة مؤشرات هي: التمثيل السياسي والمساءلة، جودة الإجراءات، ومكافحة الفساد، بينما راوحت البحرين في مكانها بالنسبة لمؤشر ” حكم القانون “.

ومن المفترض أن تستفيد الحكومة والمجتمع المدني وأصاحب الأعمال من هذه المؤشرات بحيث تستخدم مصادر داعمة لأجندة وطنية تتجسد فيها الأهداف الإنمائية للألفية التي أقرّها جميع قادة الدول في اجتماع الأمم المتحدة الذي عقد في مطلع الألفية الحالية، ووضعوا عدة أهداف يجب تحقيقها مع حلول لعام 2015. ومن بين تلك الأهداف التنميوية تعزيز الحكم الصالح، لأن الأمم المتحدة والبنك الدولي والمؤسسات المعنية توصلت إلى نتيجة لا جدال فيها بأن التنمية لا تتحقق إلا مع «الحكم الصالح”.

الغريب في الأمر هو الصمت الرسمي المطبق، والامتناع عن التعليق على الرغم من المطالب والاتصالات المتكررة من صحيفة “الوسط” للمسئولين الذين يفترض بهم الاهتمام بهذه المعلومات ويفترض فيهم القدرة على التعقيب عن كيفية الاستفادة من المؤشرات الدولية.

وكانت منظمة «الفاو» التابعة للأمم المتحدة والبنك الدولي قد نظما مؤتمراً عالمياً في العاصمة الإيطالية، روما، في الفترة من 25 إلى 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2006 تحت عنوان «World Congress on Communication for Development»  وخرج المؤتمر – بعد نقاشات مستفيضة – بقناعة بأن وسائل الإعلام يجب أن تلعب دوراً رئيسياً في تعزيز «الحكم الصالح»، ذلك لأن الحكم الصالح يحتاج إلى التدفق السريع والحر للمعلومات، ويحتاج إلى تطوير إمكانات الدولة والمجتمع لكي يستقبل المعلومات ويبرمجها من أجل تنشيط الحوارات، ومن ثم إشراك الجميع في عملية التنمية الشاملة. كما أن وسائط الإعلام لها دور مباشر في تحسين عدد من مؤشرات الحكم الصالح، ولاسيما مكافحة الفساد، الشفافية، المحاسبة وإيصال صوت المجتمع إلى من بيدهم صنع القرار. وعليه فإننا نأمل من جميع من يعنيهم الأمر في الاهتمام بمؤشرات الحكم الصالح الصادرة عن البنك الدولي بما يخدم البحرين، حاضراً ومستقبلاً.
 
الوسط 8 يوليو 2009

اقرأ المزيد

في ذكرى رحيل المناضل أحمد الذوادي


حينما يرحل العظماء تبقى ابداعاتهم ونتاجاتهم وعطاءاتهم ماثلة في ضمير الزمن، وحينما يرحل المناضلون تظل تضحياتهم ومبادئهم حية في ذاكرة الشعب ووجدان الأمم.. بحسب ما يمثل يوم رحيلهم يوما مضيئا في سجل الخالدين.

وهكذا يظل يوم الثامن  من شهر يوليو خالدا، لرحيل إنسان كان مسكونا بتطلعات شعبه وأهداف جماهيره وأماني رفاقه.. بقدر ما كانت أغواره وجوانحه مضيئة بشموخ النضالات الوطنية، متألقة بكبرياء التضحيات المبدئية..

هو يوم رحيل المناضل والمعلم والرفيق احمد الذوادي، المتجدد بمغازيه ودلالاته، المتسم بهالة من التكريم والتبجيل نحو الارتقاء بالقيم النضالية والأخلاقية.. مثلما يحتفي رفاق الدرب بالذكرى السنوية الثالثة لرحيل احد مؤسسي وقياديي جبهة التحرير الوطني البحرانية في عقد الخمسينيات، والامين العام للمنبر الديمقراطي التقدمي في عهد الاصلاحات العامة في بداية الالفية الثالثة. 
 
رحل المناضل احمد الذوادي بعد رحلة طويلة من النضالات الرائعة والتضحيات المريرة التي في ضوئها نسج هو ورفاق دربه اروع الملاحم النضالية ابتداء من يوم 15 فبراير 1955 وهو اليوم التاريخي لتأسيس جبهة التحرير الوطني البحرانية، مرورا بفترات اعوام القهر التي تخللتها اسوأ الساعات واللحظات التاريخية ابان مرحلة الاستعمار البريطاني للبحرين والتي كانت تقتضي شجاعة الابطال وبسالة المناضلين.

ولعل جبهة التحرير الوطني كان لها الدور الوطني القيادي بجانب نضالات هيئة الاتحاد الوطني في مناهضة الاستعمار البريطاني من جهة، ونضالات الجبهة بجانب التنظيمات الاخرى: الجبهة الشعبية وجبهة تحرير الخليج وجبهة القوى القومية وغيرها، من اجل الديمقراطية والاصلاحات السياسية من جهة اخرى.. مثلما تألقت الجبهة بالنضالات السياسية وقيادتها انتفاضة مارس الشعبية عام 1972،. وتسنمها قيادة المشاركة النيابية في اول انتخابات برلمانية باسم تكتل الشعب في 3 ديسمبر .1973

وبحسب ما تمثل الذكرى السنوية الثالثة لرحيل الغائب الحاضر المناضل احمد الذوادي القبس الذي يضيء درب الرفاق والمناضلين.. فان الرفيق (اباقيس) ظل المناضل الصامد الصلد بكبرياء لا تهزم، الواقف على قدميه بشموخ لم يطله الاقزام طوال خمسة عقود من الزمان.. قاهرا قسوة المنافي واتون الفيافي، متجاوزا مرارة الغربة ووحشة الاغتراب، بتعزيز الرغبة الاكيدة للموقف الراسخ، وبتجلي جرأة الكلمة وشجاعة القلم الحر، وبسالة الفكر التقدمي.. مثلما انتصر المناضل احمد الذوادي على عذابات الزنازين واهوال المعتقلات بإرادة انسان تسلح بالمبادئ الاممية التي اوصلته الى تحقيق الاهداف الوطنية والمجتمعية لرفاق الدرب ولجماهير الشعب البحريني.

وهكذا تحقق العديد من تلك الاهداف والغايات النبيلة للرفيق احمد الذوادي، التي ناضل من اجلها طوال حياته.. اهمها عقد مؤتمر الحوار الوطني الثاني في يوم 29 مارس 2008 الذي افتتح تحت شعار “الثوابت الوطنية فوق الانتماءات الطائفية” اثناء ترؤس المنبر التقدمي اللجنة التنسيقية وما تمخض عن نتائج المؤتمر من تناول موضوعات وقضايا ومداخلات حول تماسك اللحمة الوطنية وفي دحر الانقسامات الطائفية والاصطفافات المذهبية وتجسيد الوحدة الوطنية.. وكذلك الدعوة التي جاءت من بعض اعضاء اللجنة المركزية المستنيرين بجمعية العمل الوطني الديمقراطي “وعد” في شهر ابريل 2008، والتي طالبوا فيها الامين العام للجمعية ابراهيم شريف، بتعزيز التحالف مع التيار الديمقراطي وفي مقدمته “جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي”.. وايضا عقد وترتيب اللقاء التاريخي الذي جمع جمعيتي “المنبر التقدمي والعمل الوطني” في 16 اكتوبر 2008 والذي أثمر عن نتائج ايجابية انعكاسا للانسجام الفكري والمبدئي والتاريخي.

ولعل افتتاح المنبر التقدمي مقره الجديد خلال تدشين الحفل الجماهيري والنخبوي الكبير بتاريخ 21 ديسمبر 2008، كان يمثل الحلم الكبير والهدف الوطني للرفيق الراحل الحاضر احمد الذوادي، الذي كان دائما يشغل فكره وهواجسه، ذلك لما يحمل هذا المشروع بين ثناياه تتويجا لأبدع المكتسبات الوطنية والمبدئية والمجتمعية ببذورها المغروسة في ارضية الواقع المجتمعي الملموس، وما يتمخض عن ماهية هذا المشروع من ترسيخ تلك العلاقات الرفاقية في انه يمثل “بيتا لكل التقدميين والوطنيين في هذا الوطن”.. بحسب ما صرح به الامين العام للمنبر الدكتور حسن مدن خلال كلمته الافتتاحية للحفل.. اضف الى ذلك طرح مبادرة المنبر التقدمي في شهر فبراير 2009، التي حملت في جوهرها اهدافا وطنية ومجتمعية من اجل تهيئة الاجواء العامة بظروفها الذاتية والموضوعية، ما بين مؤسسات المجتمع المدني وفي مقدمتها المعارضة السياسية وما بين السلطة التنفيذية، ومن اجل النهوض بالاصلاحات العامة وحلحلة الاوضاع السياسية، ومكافحة الانقسامات الفئوية بجميع اشكالها، وفي سبيل تعزيز مبدأ الوحدة الوطنية ضمن مشروع المصالحة الوطنية ما بين جميع الاطراف الرسمية والشعبية. مفاهيم ومغازي هذه المبادرة التاريخية كانت تحتل المرتبة الاولى من اهتمامات المناضل احمد الذوادي.

اما المؤتمر العام للمنبر التقدمي والمنعقد بتاريخ 15 مايو 2009،. وما ترتب على نتائج الانتخابات بفوز 25 عضوا منتخبا للجنة المركزية للمنبر، التي جاءت مطعمة بالدماء الجديدة والوجوه الجديدة من الشباب والشابات (جيل الشباب) بجانب (جيل الكبار) الذي حافظ بعضهم على عضويتهم في اللجنة المركزية والمكتب السياسي.. حقائق هذه النتائج هي كثيرا ما كان الرفيق احمد الذوادي يشدد عليها، ويصر دائما على تحقيقها، بقدر ما كان ينشدها ويرنو اليها انطلاقا من ايمانه بمبدأ الشفافية والديمقراطية والمشاركة الجماعية من دون تمييز بين (جيل الكبار) و(جيل الشباب) ومن دون فرض وصايا (جيل الكبار) على (جيل الشباب) بل الاستفادة من طاقاتهم وكفاءاتهم ومهماتهم.

هذه هي بعض المكتسبات الوطنية والشعبية والمبدئية التي تحققت في دائرة الضوء وحيز الوجود، والتي حققها المناضلون رفاق المناضل احمد الذوادي بكل مصداقية وعمل دؤوب وأمانة التكليف بالدرجة الاولى، اقتداء بنضالات المعلم والمناضل احمد الذوادي في جبهة التحرير الوطني البحرانية في سنوات الجمر طوال خمسة عقود، ونضالاته خلال المنبر الديمقراطي التقدمي في عهد الاصلاحات العامة، بفكر اممي تقدمي واضح الرؤى والمعالم يؤمن بأن “جبهة التحرير” تمثل “المنبع المبدئي” وما يتمخض عنه من ثوابت المواقف المبدئية والفكرية والايديولوجية وان “المنبر التقدمي” يمثل الذراع السياسية ببرنامجه السياسي وما يترتب عليه من القواسم الوطنية المشتركة والواقعية السياسية.. ضمن مفهوم التمايز بين ما هو مبدئي وما هو سياسي.

طوبى للمناضل الراحل احمد الذوادي الذي وجد المكانة الكبيرة في قلوب الشعب وعقول المناضلين وطالبي الحرية وخاصة في الذكرى السنوية الثالثة لرحيله.. وسلام عليك يا “أباقيس”.. يا من حفرت انجازاتك الوطنية والشعبية وتضحياتك المبدئية والتاريخية في ارضية الواقع المجتمعي وصخرة الزمن على حد سواء.. مثلما دونت اسمك في سجل الخالدين.
 
أخبار الخليج 10 يوليو 2009

اقرأ المزيد

ازدهار اللغة العربية في العصر العباسي


على الرغم من ان النزعة القبلية ظلت مستبدة بالعرب حتى بعد دخولهم الإسلام، كما ظلت رواسبها متوارثة جيلا بعد جيل إلى يومنا هذا، وان بدرجات متفاوتة، وعلى الرغم كذلك من أنها ظلت في أوج قوتها عشية تأسيس الدولة العباسية، فإنه كما يتبين من دراسة المعالم الخططية لبغداد فإن التنظيم السكاني لهذه المدينة العريقة لم يتم على أسس قبلية “كانتونية”، إن جاز القول بمصطلح عصرنا الراهن، فلم يرد ذكر سوى ثلاثة دروب باسم العشائر العربية، هي درب الأنصار ودرب خزاعة ودرب الأعراب، كما لا تشير المصادر التاريخية والتراثية للمدينة إلى ان أي قبيلة او عشيرة من العرب استوطنت بمجموعها بغداد، وخلا من المدينة تسمية اي منطقة سكنية باسم قبيلة او عشيرة بحد ذاتها.

ومع ان الخلفاء العباسيين استقدموا أقواما غير عرب إلى المؤسسة العسكرية والدواوين الإدارية واستعانوا بخبراء مسلمين غير عرب في الترجمة والطب والفلك.. الخ، إلا أن اللغة العربية باعتبارها لغة القرآن الكريم والشريعة الإسلامية كانت لغة نبي الإسلام محمد (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) والصحابة والأئمة وآل البيت، كما كانت لغة رجال الحكم والإدارة والجيش، كما تم تعميم استخدام اللغة العربية لتكون لغة المكاتبات والحسابات في الدواوين. ولم تكن اللغة العربية حينها عقبة كأداء لدى استخدامها في استيعاب العلوم بمختلف مجالاتها، بل سرعان ما أضحت مع تطور الحضارة العربية – الإسلامية لغة عالمية، ذلك أن اللغة العربية معروفة بثرائها بالمفردات القابلة للنمو والتوسع وان تصبح لغة التجارة كما لغة العلم والفكر والثقافة لم تضاهها في ذلك لغة عالمية أخرى في عصر ازدهارها، ولاسيما مع توسع الامبراطورية العباسية وانتشار الإسلام في أصقاع عديدة وواسعة من المعمورة.

ولعل مما ساعد على تبوؤ اللغة العربية المكانة التي حظيت بها ازدهار الحركة الفكرية وتأليف الكتب العلمية خلال عهد ابي جعفر المنصور اي منذ السنوات الأولى لإنشاء بغداد، فإذا كان الخليفة ابوجعفر المنصور هو اول خليفة عباسي شجع الفلكيين وعمل بأحكام النجوم، كما ترجمت في عهده الكثير من الكتب من اللغات الاجنبية الى العربية مثل كتاب “كليلة ودمنة” وكتاب “السندهند” كما ترجمت في عهده كتب ارسطاطاليس عن المنطقيات وكتاب الارثماطيقي وكتاب اقليدس، وغير ذلك من الكتب القديمة من اليونانية والرومية والفهلوية والفارسية والسريانية وغيرها.
ولم يقتصر احياء العلوم والترجمة على عهد المنصور بل امتد الى عهدي المأمون والمتوكل اللذين تواصل في عهديهما الاهتمام بالفكر والتأليف، وكان بعض الوزراء والولاة واصحاب المكانة يشجعون الانتاجات الفكرية والفلسفية باللغة العربية واغدقوا العطايا والهبات على القائمين عليها بصرف النظر عن دوافع كل منهم من ذلك.

ولا شك ان امتداد اللغة العربية الى ميادين العلوم المختلفة زاد من انتشار هذه اللغة عالميا حتى انها حلت محل لغات اخرى كانت سائدة في بعض المناطق قبل دخولها الاسلام كالقبطية في مصر، او ازاحت بعض اللغات الاخرى من مكانتها الاولى كالارامية والبهلوية.. وهكذا فإن السمة الاممية الاسلامية لبغداد انما تمت في ظلال اللغة العربية، فعلوم اللغة عنيت باللغة العربية واستمدت مادتها وثبتت نطاقها فيما يستعمله العرب من دون التقيد بما كان في بغداد وعلوم الدين وبضمنها دراسة القرآن والحديث والعقائد لكنها عالجت المشاكل العامة في زمانها التي تهم العالم الاسلامي بأسره من دون الاقتصار على بغداد.

وطبقا للدكتور صالح احمد العلي فإن النزعات الاقليمية والتعصب لبغداد لم يظهرا الا خلال القرن الرابع الهجري، اذ انه حتى كتب التاريخ عنيت بالتاريخ العريض الشامل للدولة العباسية من دون الانحصار بأحداث ووقائع بغداد فقط، وهذا مما ساعد بدوره ليس على تطور الفكر العربي الاسلامي بتخصيبه بروافد ثقافية انسانية عالمية شتى فحسب، بل انعكاس هذا التطور على تطور اللغة العربية ذاتها وعدم انغلاقها على نفسها كما حصل بعدئذ منذ عصر الانحطاط الحضاري العربي الاول الى عصر الانحطاط الحضاري الراهن.



(انظر، د. صالح احمد العلي، بغداد مدينة السلام، الجانب الغربي، مطبعة المجمع العلمي العراقي، بغداد 1985).


أخبار الخليج 10 يوليو 2009

اقرأ المزيد

صعوبات الديمقراطية في الشرق


إن مقاربة الشرق الصناعية للغرب ضعيفة، وهذا يترتب عليه ضعف البنية الوطنية المتماسكة، وغياب قيم الحداثة، وتخلف الحياة الاجتماعية الذي يؤدي إلى عدم فهم (الصوت) والعملية الانتخابية، وهيمنة القوى الشمولية من دول وقادة طوائف، وهو ما أدى إلى أن تكون العمليات الانتخابية والحزبية وبالاً على المجتمعات بدلاً من أن تكون أداة التطوير.
فالقوى الاجتماعية لا تعرف معنى الديمقراطية فلا تستطيع أن تطبقها في الحياة السياسية.

وتدرك الدول الشمولية الكبيرة ذلك فتسيطر على أدوات الاقتراع وتخلق مسارح لما يُسمى بالديمقراطية، تجعل كل شيء كما كان سابقاً مع بعض الرتوش.

هناك بلدان شذت عن هذه القواعد نظراً لتطورها الصناعي، كاليابان والهند واستراليا وجنوب أفريقيا، فقد خلقت لها قواعد اقتصادية – اجتماعية جعلت الحاكمين والمحكومين يقبلون بقواعد الديمقراطية، فلا يستخدمون أجهزة الدول في العملية الانتخابية، فالدولُ تغدو مجردَ أدواتٍ سياسية محايدة، يمكن أن يستخدمها حزبُ اليسار أو حزبُ اليمين.

كذلك فإن الدين لا يغدو أداة في الاستخدام السياسي، وهذا الجانب والجانب السابق، يتشكلان معاً في القانون الانتخابي، وهو ما أثمر عنه عصر النهضة وعصر التصنيع، ذاك وضع ثقافة التنوير، وهذا وضع أسس التصنيع.
ومن هنا نرى الديمقراطية الهندية قابلة لوصول جميع الأحزاب للحكم، ورغم الجذور الدينية واليسارية المضادة للأديان، فإن قضية الانتخابات تدور على برامج الاقتصاد والإدارة الاجتماعية.
ليس فقط أن الدولة، كجهاز وطني مستقل، والدين كثقافة مشتركة لليسار واليمين، بل لأن إدخال الصراعات السياسية في هذين المرتكزين للمجتمع لا يبقي المجتمع نفسه.

ولهذا رأينا العمليات الانتخابية التي تجري في الشرق في غير هذه الدول تعود بالدول للوراء، وتؤثر على هذين الهيكلين للمجتمعات، نظراً لغياب التدرج الطويل في التنوير والوطنية.
في بعض الأحيان يستولي اليسار على الحكم في هذه الدول كحالة جنوب أفريقيا ولكنه لا يستطيع تغيير البناء الاقتصادي عامة، إلا بما يطور حياة العاملين الذين رفعوه للسلطة، واليمين قابلٌ بهذه القيادة رغم صراعه معها، لكن الأغلبية العاملة أتاحت لحزب المؤتمر أغلبية مريحة فإن يأتي وقتٌ وتنخرهُ عواملُ الفساد كأن يلتصق بقوى النفوذ المالي أو يتراخى في الدفاع عن مطالب الأغلبية.
وفي الحالات الأخرى التي لم يقعْ غبنٌ فيها على القسم الأكبر من المجتمع كما وقع الغبن على السود في جنوب أفريقيا، من دون أن يكون ذلك كذلك هوية دينية أو عرقية، فنجد القوى الاجتماعية بين مالكين وعاملين هي التي تتنافس أسوة بمثيلاتها في الغرب.

إن الانتقال إلى هذا البناء السياسي يتطلب إرادة سياسية عليا للابتعاد عن العصور الوسطى وثقافتها، فذلك عصر غير ديمقراطي مهما كانت الإنجازات فيه جليلة، ولابد أن تكون الهياكل السياسية والدينية محايدة في الحياة البرلمانية، وتتصارع البرامج الاقتصادية فقط في الانتخابات.
وهذا لا يعني إلغاء العمليات التمهيدية للديمقراطية في العالم الثالث، لكن بشرط ألا توجه المجتمعات للوراء، وتواصل الدول الهيمنة على صناديق الاقتراع، وتلعب التشكيلات السياسية الطائفية والعنصرية والعرقية والمناطقية دوراً رئيسياً تمزيقياً للمجتمع.
ولكن هذه الشروط لا تحدث، وتحدث صفقات سياسية تقطع هذه الأساسيات، وتغير من جوانب منها تتفق فيها الأطراف المتنفذة على الحلول غير الجذرية وتبقي المشكلات الجوهرية في الحياة السياسية والفكرية.

ولهذا نرى ما تسمى بالتجارب الديمقراطية وهي تنزلق في المحاصصات المناطقية فكل فريق يستولي على إقليم، فتغدو الفسيفساء الدينية والطائفية والعنصرية تحت قبة (الديمقراطية)، وكل فريق يستولي على محاصيل ومنافع مادية.
حين ننظر للمجتمع الأفغاني نتساءل هل يمكن قيام (ديمقراطية) في مثل هذا المجتمع القبلي؟

الديمقراطية مسألة ترتفع فوق مستواه وهو الذي يعيش في حروب طاحنة، ومعارضته تشتغل بتجارة المخدرات المورد الرئيسي للبلد.
لكن مثل هذه الديمقراطية محمية بآلة حرب هائلة تستفيد منها شركات السلاح ووزارات الدفاع في الغرب.
كيف يمكن للقبائل في المرحلة الدينية أن تعي مسائل الديمقراطية، والديمقراطية منذ الإغريق تـُقام في مجتمعات مدن وتجار متطورة؟
لقد توهمت الحكومات الأمريكية بإمكانية صناعة ديمقراطية بالقوة في مجتمعات متخلفة وحتى الآن لم تنجح تجربة واحدة.
ومجتمعات الشرق مجتمعات قوة تكون فيها جهة واحدة هي الصانعة للسياسة والديمقراطية غير ذلك.

لا شك أن هذه التجريبية السياسية سوف تنهار، لأنها لا تقود إلى تصحيح شيء أساسي، وغدت ذات كُلف أكبر مما كان فأضيفت نفقات أضخم.
وإذا تم حل هذه التجارب السياسية المسماة ديمقراطية فسوف لن تتغير هذه المجتمعات كثيراً وتعود الدول كما كان الأمر في السابق بتصريف الأعمال.

لا شك أن شعوب المنطقة تحتاج إلى عدة عقود لكي تستوعب التنوير والحداثة، ولكي تتفكك العلاقات بين الدول والثروات، وتصعد قوى الفئات الوسطى والعمال التقنيين المواطنين، وتذبل القوى الطائفية، وتـُعاد اللحمة لنسيج الأوطان.

ولهذا لا تقوم الدول التي فيها مجالس (منتخبة) بإثراء التجربة السياسية في المنطقة ولا تقدم نموذجاً اجتماعياً يُحتذى.
بل أن الدول الأخرى تمضي بسلاسة لا يعوقها شيء، مثبتة أن الدول كلها متشابهة في الإدارة.
وحتى هذه التجارب تتم فيها الطبخات فإذا اصبحت القوى الدينية مكروهة أُدخلت بعض العناصر الليبرالية، والعكس صحيح، مما يجعل مثل هذه التجارب كمسرح العرائس.

 
أخبار الخليج 9 يوليو 2009

اقرأ المزيد

فى ذكرى نبيل الهلالى


حلت الذكرى الثالثة لرحيل المناضل الشيوعى والمحامى والفقيه القانونى (أحمد نبيل الهلالي)، ولا تزال سيرته ومسيرته نبعا للباحثين عن أمل والحالمين بعالم أفضل تسوده قيم العدالة والمساواة، وينتهى فيه الى الأبد استغلال الإنسان للإنسان، وتخرج البشرية كلها من حالة ما قبل التاريخ لتكتب تاريخا جديدا .  ظل (نبيل الهلالي) طيلة مسيرته النضالية، التى امتدت لأكثر من نصف قرن انتقل فيها بين السجون والمعتقلات من شمال البلاد لجنوبها وفى كل العهود ــ الملكية والجمهورية ــ ظل طيلة هذه السنين يشكل كعبة رجاء، لا فحسب لهؤلاء الذين اختاروا أن يدخلوا من الباب الضيق مناضلين ضد الظلم والاستغلال، وإنما أيضا لهؤلاء البشر العاديين الذين اقتربوا من عالمه، وكان كالمغناطيس يجذب اليه فضائل الناس،

  
  
  


  
 
تلاتين سنه
وأنا نفسى أكتب للهلالى قصيدة

 



طب يعمل ايه الشعر؟
يفتح له صفحه جديدة
يفتح لمين؟
للهلالى!
صوته كتاب الزمن
على جلدة الكتاب اسمه
نبيل: الوطن
حروفه، حكى و غنا
مسقيه فرح وشجن
“اتلموا فى الشده”
تنزل سياط القهر على ضهره
يجمع جروحه الناشفه
بإدين نحيله
يغزلها من تانى
وردة تبوس وردة
يركب على مهره
يدخل فى حلم الفجر
مع ملاك النوم
يزور فاطمه
تلاتين سنه
والشعر متحير
ضله شجر
نكبر ما بين الجدر والأوراق
نتهجى أسامينا
نحفر قلوبنا
ما بين شمس الفروع
والساق
يجرح نظرنا
خلوة العشاق
نقرا الكلام ونبوح
“دا نبيل عِشق فاطمه”
سامحينى يا فاطمه
وانتى فى غيابك
كتابه، هو هو كتابك
سامحينى يا فاطمه
على القصيدة اللى ماكتبتهاش
أنا اللى بتعلم غناه وبكاه
أنا اللى بنعس
لما تزيح صوابعه الخوف
وتمسح الرعده
سامحينى يا فاطمه
كل اللى اخاف منه
آه
لو نبيل
يتعلم الوِحده
.

اقرأ المزيد

في هم التوظيف والموظفين..


في عمود الأحد الماضي تحدثنا عن وضع الرياضيين المخزي في البلاد.. عن إهمالهم الماس بالكرامة والهادم للطاقات والمعرقل للمنجزات مطالبين المؤسسات المعنية بتوظيفهم، سيما المؤسسة العامة للشباب والرياضة التي هي عملياً من يسأل عن حال الرياضة والرياضيين في البلاد.. ومن ردود الفعل التي تلقيناها وثائق تثبت أن المؤسسة تبدد مقدراتها في مجاملة هذا وذاك عوضاً عن دعم الرياضيين ونسوق لكم هنا مثالاً حيا:

موظف عربي استحدثت له المؤسسة وظيفة بمعية زوج أخته المتنفذ خارج مظلة ديوان الخدمة بذريعة أن بلده ‘تتعرض للحرب’!! انتهى الصراع في بلده ومازال، من ثلاث سنوات، يتسلم راتباً على شكل مكافأة شهرية ‘وليس من المعلوم على أي بند’!!

والسؤال هو: إن كانت المؤسسة – دام ظلها – تستحدث وظائف لضحايا الكوارث فلتستحدث وظائف ميسرة مريحة كهذه لخاصتهم من اللاعبين الذين تضيع مواهبهم وتتبدد طاقاتهم في اللهث وراء الخبز الذي يقدم على صوان لسواهم!!

المعلمون الممتعضون..
——————–
مستوى التذمر الذي يطوق آلية امتحانات المعلمين – وبالتالي توظيفهم – تصاعد بشكل لافت في الآونة الأخيرة.. فالامتحانات التي تقيمها الوزارة لمرتين في العام تمهيداً لتوظيف المعلمين تواجه بانتقادات عدة : فمن جهة نسبة النجاح فيها مرتفعة نسبياً ‘ 70% فما فوق’؛ ورغم أن الكثيرين يعتقدون أن امتحاناتها سهلة ومكررة إلا أنهم يفاجؤون برسوبهم فيها رغم تيقنهم من الإجابات.. وكنتيجة يضطر بعض الخريجين لإعادة الامتحانات لـ 4 و6 مرات ما يؤخر توظيفهم لسنوات!!

بعضهم ينجح في الامتحان ولكنه يحرم من حقه في التوظيف لكون أولوية التوظيف هي لمن استحصلوا درجات أعلى؛ وهو معيار منصف وغير منصف.. منصف لو كان هؤلاء هم خريجو دفعة واحدة.. وغير منصف إن كان – كما هو الحال الآن – يساوي بين من تخرج حديثاً ومن مضى على تعطله خمس أو ست سنوات وشتان بين الخريجين الجدد وسواهم ممن تجمد تفكيرهم وصدئت معلوماتهم جراء التعطل!!

الوزارة بحاجة لمعلمين؛ هذا ما نسمعه على الدوام لتبرير استقدام الأخوة العرب للعمل في المدارس؛ وتلك الشكاوى بشأن آلية اختيار المعلمين تستوجب إعادة النظر في مكمن الخلل: أهو في الامتحانات أم في طريقة تصحيحها؟!

بالمناسبة: هل تخضع الوزارة المعلمين الذين تستقدمهم لذات امتحانات التوظيف التي ترهق بها خريجينا؟!

تساؤل بريء لا أكثر
——————

وجاءنا الدور سريعاً!!
في السابق كنا ننظر بعين الدهشة لما نزور الشقيقة مصر ونكتشف أن سائق التاكسي يحمل شهادة طب أو هندسة!! كنا نراه أمراً عجاباً ولم نخل أننا سنتجرع سم الكأس ذاته بعد سنوات معدودة!!

اليوم هناك عشرات الأطباء العاطلين في المملكة.. مؤخرا فقط تسلمنا رسالة من 20 طبيباً من خريجي جامعة الخليج العربي أنهوا جميع مستلزمات ومتطلبات وزارة الصحة بشأن التوظيف وما زالوا عاطلين منذ 11 شهراً وليست لديهم – ولا لدى مسؤولي الوزارة – أي فكرة عن توقيت انجلاء هذه الغمة!!

العلة هنا ليست في تعطيل تلك الكفاءات ‘فالكفاءات المعطلة هنا أكثر من الهم على القلب’ بل العلة أن هؤلاء يملكون منافسا للعمل لولا أن وزارة الصحة تكتمها عليهم.. بمعنى آخر هؤلاء قادرون على العمل في العيادات؛ المستشفيات الخاصة.. في دول الجوار التي تستجدي الكفاءات البحرينية وتتلقفها لما عرف عنها من تميز وتفان.. ولكنهم لا يملكون لذلك سبيلاً لكونهم مرتبطين بعقود بعثات ومنح تسلبهم الحق في العمل إلا في مشفيات الحكومة..!!

لذا صرنا نرى أطباء في مناضد دفع شركات الاتصالات.. وصرنا نرى حراس أمن يحملون شهادة طب.. وصرنا نرى أطباء يعملون في محال الوجبات السريعة..!!

ولا عزاء للحقوق في وطن الكرام.


 
الوقت 8 يوليو 2009

اقرأ المزيد

«الديمقراطيون» العرب والاختبار الإيراني


أنفق الديمقراطيون والتقدميون العرب عقوداً من الزمن وهم يمارسون خطيئة لسنا نبرىْ أنفسنا منها، يلتمسون الأعذار لعددٍ من الأنظمة العربية التي تقمع شعوبها ويسوغون تقييد نشاط نخبها السياسية والمفكرين والمثقفين فيها تحت حجة أن هذه الأنظمة تقارع الصهيونية والامبريالية.

أكثر من ذلك جرى خلع صفات رنانة طنانة على هذه الأنظمة التي وصفت تارة بالتقدمية وثانية بالوطنية، ولم يتردد البعض عن وصفها بالديمقراطية أيضاً، واجترِحت في سبيل ذلك مآثر” فكرية” في وصف طريق التطور الذي تسير عليه هذه الأنظمة بطريق التطور ألا رأسمالي، فيما كانت الجسور ممدودة بينها وبين مراكز الرأسمال العالمي، أما الاتحاد السوفيتي ودول المعسكر الاشتراكي يومها، فلم تكن بالنسبة إليها أكثر من مصدر للسلاح بأسعار متهاودة، وبقروض يجري شطبها بعد حين.

لن نُذكر بالمخازي التي ارتكبتها هذه الأنظمة بحق شعوبها وبحق نخبها السياسية التقدمية والديمقراطية وبرجال الفكر والثقافة فيها، وبالتدمير الممنهج الذي مارسته بحق مؤسسات المجتمع المدني، ولن نذكر بالمآلات البائسة لهذا النوع من الأنظمة، فذلك ما لا يحتاج إلى إثبات أو برهان. لكن الكثير منا يمعن في تكرار الخطيئة مثنى وثلاثاً وأكثر من ذلك، وهذا ما تبدى في صورته الفادحة في الموقف من الاحتجاجات في إيران التي جوبهت بالقمع الدموي في الشوارع الذي راح ضحيته الكثيرون، بين قتلى ومصابين ومعتقلين. إذ تعالت الأصوات هنا وهناك مسوغة لهذا القمع الدموي، تحت ذريعة موقف إيران «المناهض للاستكبار العالمي، والمعادي للصهيونية، والمناصر للحق العربي»، فإذا بعشرات آلاف المحتجين في الشوارع من النساء والرجال والمطالبين بالحرية والتغيير مجرد عملاء وأذناب للغرب.

على التقدميين والديمقراطيين العرب، وعلى الإسلاميين أيضاً ممن يجأرون بالشكوى من القمع في بلدانهم، ولهم في ذلك كل الحق، أن يبرهنوا على صُدقيتهم في المطالبة بالديمقراطية بالانتصار لكل من يطالب بها، فالديمقراطية في عالم اليوم قيمة إنسانية مطلقة لا تحتمل التجزيء ولا التوزيع بالقطاعي. أذا أردنا الديمقراطية لأنفسنا فعلينا أن نريدها بالمقدار نفسه لسوانا من الشعوب والقوى التي تناضل من أجلها، ومعاداة الامبريالية والصهيونية لا تستقيم مع تقييد الحريات وتكميم الأفواه في أي بلد، وهذا هو الدرس القاسي الذي يفترض أن التجارب علمتنا إياه.

 أن من يقيد حريات شعبه، تحت أي حجة، لا يمكن أن يكون صادقاً في الدفاع عن حقوق هذا الشعب، في عالمٍ باتت فيه الحرية في مقام لقمة الخبز الضرورية، خاصة عندما يدور الحديث عن أنظمة لم تؤمن لشعبها العيش الحر الكريم، حتى تبرر نقص الديمقراطية أو غيابها، فلا هي حسنت أوضاع معيشة الناس ولا هي مكنتهم من حرية الاحتجاج على نهجها المضر بالحيوي من مصالحهم اليومية، هذا إذا ضربنا صفحاً عن الحقوق السياسية.

في اختبار الديمقراطية الذي وفرتهُ الاحتجاجات الإيرانية الأخيرة أثبت الكثير للتقدميين العرب انهم مازالوا في الجوهر غير ديمقراطيين، فهربوا إلى الأمام، أو إلى الخلف والله أعلم، حين دمغوا حركة احتجاج شعبية واسعة، انطلقت شرارتها من داخل هياكل المؤسسة الحاكمة ذاتها، وليست من خارجها، بالعمالة للخارج، لكي لا يصغوا لنداء الحرية الذي بلغ صداه عنان السماء.
 

اقرأ المزيد

توصيف غير دقيق


في ظل العواصف الثورية تغدو التقييمات السياسية مهمة، ولابد لمن ناضلَ طويلاً في هذه المنطقة من أن يتخذ القرارات الدقيقة، بأن يدرسَ اللحظة السياسية الخطيرة الراهنة، حيث تقوم جماهير طليعية معينة بتقرير أو ربما بتأثير أساسي على مصير بلد ومنطقة، وتنفتح خياراتٌ سياسية متعددة، وتتداخل الطرق وتتوهُ الخطوات أحياناً، ويضيع الهدف!

يتوه حزبُ (تودة) – حزب الشعب الإيراني التقدمي المناضل – في توصيف اللحظة السياسية الراهنة، فهو يرى بأن سبب المشكلات الحادة الراهنة في إيران هو:
( دخلت إيران الانتخابات الرئاسية العاشرة في ظروف اجتماعية – اقتصادية صعبة. فأربع سنوات من حكومة احمدي نجاد والسياسات النيوليبرالية التي اتبعتها (وأملاها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي) جعلت الغالبية العظمى من الطبقة العاملة والشغيلة الإيرانية تعاني المشقة والفقر غير المسبوق. ويكشف تفحص سياسات إدارة احمدي نجاد السمات الخاصة للوجهة التي تبنتها هذه الحكومة، التي تنتمي إلى الرأسمالية التجارية الكبيرة والبرجوازية البيروقراطية في البلاد، وبعض الأسباب التي تقف وراء الحركة الجماهيرية الشعبية ضد هذا النظام. ( عن موقع الحزب الشيوعي العراقي،).

يجعلنا هذا التوصيف نتصور أن الرئيس الإيراني نجاد يمثل (الرأسمالية التجارية الكبيرة)، وهي قوى تجارية لا نعرف مدى استقلالها عن الدولة، لكنها بالتأكيد تمتلك بعض الاستقلالية عن النظام وتختلف عن (البرجوازية البيروقراطية) الحكومية، وهنا لا يحلل البيان كون القوى العسكرية الحاكمة خاصة (الحرس الثوري) هي المعنية خاصة بذلك. ويصمت عن هذه العقبة السياسية الكبيرة في النظام الإيراني.

ولنا أن نتساءل عن هذا التوافق العجيب بين صندوق النقد الدولي وحكومة نجاد.

بين سياسة حكومة الولايات المتحدة في عهد بوش وتوافقها مع حكومة الرئيس نجاد؟

كيف ينفذ الرئيس الإيراني السياسة الأمريكية في مجال الاقتصاد ثم يعارضها في مجال التسلح والسياسة الخارجية عامة؟

إن بيان حزب تودة تجاه عمليات التخصيص مبالغ فيه حسب حكم الجرائد الإيرانية نفسها. لقد فشلت خطة التخصيص ومازالت الحكومة وخاصة القطاعات العسكرية مستولية على الموارد العامة بشكل أساسي! وهكذا فإن الحديث عن التخصيص وكونه القضية الكبرى وتدميره لإيران فيه سكوت عن الحرس الثوري وبقية المؤسسات العسكرية كهادرة أساسية للأموال العامة في إيران.

إن مناطق التوتير في جنوب لبنان وغزة واليمن والعراق والخليج مطلوبة للحرس الثوري وللقوى العسكرية الأخرى، والضباط الكبار في مناطق التوتر يتلاقون في عملية واحدة هي تأزيم المنطقة وحلبها.

ولهذا فإن التوصيف العام المجرد (البرجوازية التجارية الكبرى والبيروقراطية) لا يضعُ الأصبعَ على الجرح الإيراني!

إن توسع الليبرالية والقوى التجارية والصناعية مطلوب في ظل مناخ حكومة شمولية عسكرية توجه البلد والمنطقة لحافة الهاوية، وليس الصراع الراهن في إيران حالياً سوى بين جناح عسكري مغال وبين أجنحة مدنية مهضومة الحقوق سواء كانت داخل الدولة أو خارجها.

كما ان الدفاع عن مصالح القوى العمالية والشعبية عموماً مطلوب هو الآخر، بحيث يغدو الدفاع عن الحريات الاقتصادية والسياسية والفكرية والدفاع عن معاش الناس مترابطين.

ويبين تقرير حزب الشعب الإيراني نفسه مخاطر السياسة العسكرية على الاقتصاد وحياة الجمهور ومعيشته، فيذكر من خلال نشرة البنك المركزي الإيراني ما يلي:
(وتعتقد النشرة ان الديون الخارجية لإيران في السنوات المقبلة ستتزايد، وانها سترتفع في السنة (الايرانية) 1387 (2008) والسنة 1388 (2009) الى 26،3 مليارات دولار و28،1 مليار دولار على التوالي، وسترتفع بالوتيرة المتصاعدة نفسها الى 29،2 مليار دولار في 1389 (2010).

كما تتصاعد معدلات الفقر بصورة كبيرة:

( ان عدد الاشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر ارتفع خلال اول سنتين من الحكومة التاسعة، من 18% الى 19%. وبالاستناد الى هذه الارقام، فإن ما بين 14 و15 مليون شخص يعيشون حالياً تحت خط الفقر.).

(وحسب الإحصائيات التي نشرت في وقت سابق هذه السنة، فان 80% من العمال في المصانع وفي الصناعات التحويلية يعملون بموجب عقود مؤقتة تغطي فترة تشغيل تتراوح من شهرين و10 أيام فقط الى 6 أشهر. إن جزءاً كبيراً من العمال المؤقتين المشمولين بقانون العمل يعملون في ظل ظروف بالغة القسوة).
وبطبيعة الحال فإن هذه الظروف الشعبية الصعبة لا تنعكس بشكل آلي في آراء وأهداف القادة السياسيين المتصارعين، جناحي العسكر والقوى المدنية، فرغم كون موسوي من مؤسسي الاقتصاد المدني والقطاع العام الصناعي تحديداً، إلا أننا لم نقرأ أي برنامج فيما يتعلق بتغيير الحياة الاقتصادية والحياة العسكرية لديه، بسبب صعوبة مثل هذا الطرح في اللحظة السياسية الراهنة، ولهذا اعتمد على لغة سياسية عامة غامضة، وهو يريد أن يسير في أروقة النظام بكل قوة وهي التي سوف تجهزُ عليه آجلاً أم عاجلاً.

وهو أمرٌ يشير من جهةٍ أخرى إلى كون الإصلاحات التي يقترحها ستكون ضمن أفق النظام، وعملية مساومة بين الجناحين العسكري والمدني.
إن البيروقراطيتين: العسكرية والمدنية الحكومية، لا تريدان صراعاً شعبياً عميقاً، ومن هنا يغدو برنامج موسوي عاماً، ويمثل محاولة لعزل الجناح العسكري وتجميع كل القوى السياسية والدينية ضده، لكن هذه العملية لم تحصل على مؤيدين كثيرين، فنجد أغلبية المراجع الدينية وقفت بشكل محايد أو صامت، وإن كان بعضها اعترض بقوة.

لا شك ان السياسة السلمية لإيران ستكون مكسباً للجمهورية ولشعبها وللمنطقة، فتوجيه هذه الموارد الكبيرة من النفط والصناعة لتطوير الاقتصاد وحياة الجمهور ستعطي نتائج أكثر أهمية من سياسة المواجهة.

ولكن يبقى هذا الخيار محدوداً، ويتصاعد على العكس دور الضباط وجاء تصريح رئيس أركان الجيش في مواجهة الاتحاد الأوربي بضرورة اعتذارها، ليؤكد أن القوى العسكرية ماضية في برامجها المتحدية.

وهكذا فإن القوى العسكرية قد فتحت على نفسها عدة جبهات، وحتى من حيث الحدود وميزان القوى وعدم تماسك الجبهة الداخلية، فإنها تغامر بكل شيء.
ومهما كانت النتائج والأحداث فإن انتصار القوى المدنية التجديدية على مستوى الشرع الإثناعشري، وعلى مستوى تطور الاقتصاد والحريات، لا شك قادم.
 

أخبار الخليج 7 يوليو 2009

اقرأ المزيد

مردة الاقتصاد العالمي الأربعة «BRIC»

سجل يوم السادس عشر من يونيو الماضي حدثاً مهماً في تاريخ الاقتصاد العالمي. قادة رباعي مجموعة بلدان «BRIC»  وهي بالترتيب (Brazil, Russia, India and China) عقدوا قمتهم الأولى في مدينة إيكيترينبورغ الروسية لبحث طيف واسع من القضايا الاقتصادية الكونية، بما في ذلك الأزمة الاقتصادية العالمية، إصلاح النظام المالي العالمي، التجارة العالمية والاستثمارات. وقد شكلت هذه القمة فرصة لبلدان المجموعة من أجل تعميق علاقاتها الاقتصادية وللبحث عن أرضية مشتركة حول مختلف القضايا. وهذا ما سوف يزيد من تأثير مجموعة «BRIC» في الحياة الاقتصادية الدولية مستمدة قوتها سواء من جوانب تشابه أو فوارق اقتصاداتها.
لقد ظهر مصطلح «BRIC» في الكتابات الاقتصادية في العقد الأخير من السنوات وقبل انفجار الأزمة الاقتصادية العالمية للتأشير على ما يمكن أن تلعبه هذه الاقتصادات الناشئة في الاقتصاد العالمي مستقبلا. وبالمناسبة فإن المصرف الأميركي Goldman Sachs هو الذي ثبت نهائياً في أحد تقاريره المنشورة العام 2002 إدراج مصطلح «BRIC» في التداول في التقارير الاقتصادية الدولية. أما بعد ظهور الأزمة فقد بدأت المجموعة تتحرك رسمياً لتشكيل إطار يضمها ليتوج ذلك بانعقاد القمة الأولى المذكورة.

كان ممثلو هذا الرباعي قد التقوا العام الماضي على هامش الاجتماع الموسع لمجموعة الثمانية الكبار في اليابان، حيث هناك ولدت فكرة تنظيم قمة منفردة لقادة بلدان المجموعة التي لم تزل تصورية بعد. وإلى حد ما لا تزال بلدان مجموعة «BRIC» تعبر الأزمة العالمية بنجاح.

وحسب تنبؤات (EIU) «The Economist Intelligence Unit »، فإن الناتج الإجمالي المحلي للصين سوف ينمو بمعدل 6.8% هذا العام، بينما سينمو الاقتصاد الهندي بمعدل 5.5% والروسي بمعدل 5%. البرازيل وحدها ستحقق معدل نمو غير جيد بحدود 1.5% فقط. وببعض التفصيل تشير التنبؤات ذاتها إلى أن تطور اقتصادات بلدان مجموعة «BRIC» منذ بداية الألفية الجديدة يبين مدى صعود دورها في الاقتصاد العالمي من 8% العام 2000 إلى 14% (أو ما قيمته 8.6 ترليون دولار) في العام الأخير، وسيرتفع ذلك إلى 20% بحلول العام .2013 وبالطبع يتفاوت أداء بلدان المجموعة بشكل واضح. ففي حين ارتفع إسهام الصين في الاقتصاد العالمي من 3.7% العام 2000 إلى 7% في العام الماضي وسيزيد على 11% مع العام ,2013 فإن إسهام الهند البالغ حالياً 1.9% سوف يواصل الازدياد في السنوات الخمس المقبلة، بينما سيبقى إسهام البرازيل في الاقتصاد العالمي عند مستوى ثابت بنسبة تقارب 2.6%. أما روسيا بسبب انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية فسيهبط إسهامها من ذروته التي بلغت 2.8% العام ,2008 لكنهــا ستعــود في الصعــود تدريجيــاً فيما بعد.

غير أن المراقبين نظروا إلى هذه القمة من زوايا وبتقديرات مختلفة. ماري جيغو من صحيفة «لوموند» الفرنسية رأت أنه بحصيلة القمة تمخض الجبل فولد فأراً. فالبيان الختامي لم يذكر كلمة واحدة عن العملة الاحتياطية العالمية البديلة للدولار الأميركي. وقد استدلت الصحيفة من ذلك على أن إطار «BRIC» ليس سوى تحالف شكلي. إن لهذه البلدان الأربعة مقامين مشتركين، هما الحجم والقدرات الكامنة. ورغم تزايد حجم التجارة البينية في إطار المجموعة، إلا أنها لاتزال تفتقد إلى استراتيجية مشتركة. إن كلا من هذه البلدان يعيش أزمته الخاصة، بحسب ماري فيغو. فإذا كانت الصين والهند تحافظان على معدلات نمو إيجابية، وفي البرازيل يُلحظ ركود غير كبير، فإن روسيا تعاني من الإنهيار. وتتساءل الصحفية «ألن يتحول (BRIC) عاجلاً أو آجلاً إلى (BIC) فقط؟» (أي باستثناء روسيا منه(.

هل ستصبح قمم BRIC تقليداً منذ الآن فصاعداً؟ هذا ما كان يتساءل عنه المراقبون قبل انعقاد القمة الأولى. وأكثر من ذلك فإن فابريس نودي – لانجلوا (Node-Langlois, Fabrice) من صحيفة «لا فيغارو» رأى أن روسيا بعد دعوتها لقمم الثمانية الكبار، ثم لمجموعة العشرين لم تعد مهتمة بهذا الإطار الرباعي كما في السابق.
غير أن الرئيس الروسي في مؤتمره الصحافي الختامي الذي حضره قادة الصين والهند والبرازيل قال إن «الزعماء الأربعة الشركاء كلفوا وزراء المالية في بلدانهم بأن يعكفوا على دراسة معايير محددة لمعمار بناء النظام المالي العالمي الجديد». لم يطنب الرئيس الروسي في الحديث عن طبيعة هذه المعايير، لكن من هذه المعايير ما اتضح بعد القمة مباشرة. فإذا كانت الصين وروسيا لم تشددا في القمة على طرح مسألة العملة الاحتياطية العالمية البديلة للدولار الأميركي خشية أن يؤدي انهيار سعر صرف الدولار بشكل دراماتيكي ومفاجئ إلى انهيار قيمة احتياطات البلدين نفسيهما، فإن كلا منهما أخذ يطرح في الفترة الأخيرة بصوت أعلى من ذي قبل عملته الوطنية على أنها المرشح البديل. ومن أهم المعايير المطروحة حتى قبل انعقاد القمة هو زيادة حصص هذه الدول في صندوق النقد الدولي وتغيير نظام إدارته بالكامل. لكنه لا يمكن تحقيق ذلك من دون موافقة الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي التي تمتلك حصة الأسهم المقررة في هذا المؤسسة المالية الريادية (17% و33% من مجموع الأصوات). إذا كان تحقيق ذلك غير ممكن، وإذا كانت موازين القوى الاقتصادية والسياسية الدولية ستتغير حتماً، فما سيكون عليه مصير صندوق النقد الدولي وسط خارطة المستقبل؟


 
الوقت 6 يوليو 2009

اقرأ المزيد